إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
محاضرة في بدر بعنوان: وصايا عامة
7678 مشاهدة
طاعة الله ورسوله مقدمة على طاعة أولي الأمر

لا شك أيها الإخوة أن واجبنا وواجبكم عظيم في حق الله تعالى، وكذلك أيضا في حق ولاة أمرنا الذين وكلوا إلينا حماية وحراسة وتحفظا وحفاظا على أسباب الأمن والاستقرار والحياة السعيدة في هذه البلاد وفي غيرها، وأمر بطاعتهم ولكن جعل طاعتهم متعقبة لطاعة الله وطاعة رسوله في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فأولو الأمر هم الأمراء والعلماء ممن يكون أمرهم منفذا على من يأمرونه ممن لهم ولاية عليه ولكن طاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله.
تذكرون قصة عبد الله بن حذافة أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- على سرية وأمرهم أن يطيعوه وفي أثناء سفره غضب لأمر من الأمور وأمرهم فأوقدوا نارا ثم قال لهم: ادخلوها أمركم النبي -صلى الله عليه وسلم- بطاعتنا فعند ذلك أراد بعضهم أن يدخلها؛ امتثالا لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم تذكروا وقالوا: ما هربنا ولا دخلنا في الإسلام إلا خوفا من النار فكيف ندخلها ونحرق أنفسنا؟ فلم يزل بعضهم يحجز بعضا حتى طفئت النار وسكن غضبه.
ذكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنما الطاعة في المعروف الطاعة إنما تكون فيما هو من المعروف لا فيما هو من المنكر، وقال -صلى الله عليه وسلم- لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق حتى ولو كان والدك ولو كان أخاك أو ولدك لا يجوز أن تطيعه في معصية الله تعالى، فأمر الله مقدم وطاعة الله مقدمة على طاعة كل أحد.